الجنرال الصهيوني هاكوهين: أحداث النقب أثارت تساؤلات حول ما
إذا كانت قوات الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين في النقب
تشهد منطقة النقب مواجهات منذ بداية العام بين اهلنا في القرى البدوية الفلسطينية الغير معترف بها، وشرطة العدو وأجهزته الأمنية، على خلفية قيام جرافات العدو بعملية تجريف تمهيداً للاستيلاء عليها، بحجة تنفيذ خطة تشجير، الأمر الذي اعتُبر مقدمة للاستيلاء عليها تحت حجة أنها منطقة زراعية تشرف عليها حكومة العدو. تطوّرت المواجهات، عبر قيام شبان فلسطينيِّين بإحراق سيارات تابعة للمستوطنين وشرطة العدو، وإلقاء الحجارة، وتعطيل خطوط سكك حديدية، الأمر الذي دفع المعلّمين الصهاينة إلى التزام بيوتهم وعدم التوجه إلى المدارس في منطقة الأحداث، خوفاً من مهاجمتهم، الأمر الذي أثار خوف العدو من انتشار الأحداث وتطورها، ودفع قادة سياسيين وأمنيين لدى الاحتلال إلى الدعوة إلى التراجع عن مشروع التشجير، الذي فجّر الموقف الحالي. ويصل عدد القرى البدوية غير المعترف بها في النقب إلى 55 قرية، ويقطنها ما يقارب 150 ألف نسمة، وتبلغ مساحتها أكثر من 180 ألف دونم، وتفتقر هذه القرى إلى بنية تحتية مناسبة، وتعاني من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، لا توجد فيها شبكات مياه ولا كهرباء، ولا طرق معبدة ولا خدمات صحية، ما يضاعف معاناة اهل القرى.
وبين الحين والآخر، تقتحم شرطة الاحتلال تلك القرى، معززة بالآليات العسكرية والجرافات، ويقومون بهدم مساكنها، بحجة أنها غير مرخصة، في حين ترفض الجهات المعنية ترخيص أي بناء فيها، بحجة أنه يقع ضمن قرى لا تعترف بها. ان التضييق على اهل تلك القرى هو مخطط ممنهج، حيث يسعى الاحتلال من خلال ذلك إلى إجبارهم على الرحيل من أراضيهم، يأتي ذلك في سياق المخطط الصهيوني “برافار” حيث هناك عدة أذرع لحكومة الاحتلال تقوم بالهدف ذاته، وتتنافس فيما بينها على إصدار أوامر الهدم. فقد تم هدم قرية العراقيب الفلسطينية، الواقعة في النقب للمرة ال 190 على التوالي. لكن أهلنا الصامدون في القرية في منطقة النقب، جددوا التأكيد أنهم سيعيدون بناء قريتهم من جديد. ومنازل القرية مبنية من الخشب والبلاستيك والصفيح، وتقطنها 22 عائلة.
وما يثلج الصدر أنه رغم المعاناة من هدم بيوت، وتجريف محاصيل زراعية، وإلحاق الأذى بأصحاب هذه القرى، إلا أنهم يزدادون تمسكا بأرضهم، حيث راهن الاحتلال على الأجيال الشابة، لكنها تتمسك أكثر بأرضها، فلا خيار لها سوى المزيد من الصبر والثبات، وهم بأمس الحاجة لدعمهم، والوقوف إلى جانبهم بكافة الوسائل الممكنة، لتعزيز صمودهم وثباتهم. من جانبها ناشدت قياداتٌ ومؤسسات فلسطينية بارزة، من جميع التوجهات في الأراضي المحتلة عام 1948، كلَّ أبناء النقب والمجتمع الفلسطيني، مواجهةَ مخططات العدو، والوقوفَ إلى جانب أهالي النقب. وانطلقت مَسِيرات تضامنية متعددة في أم الفحم واللد وغيرهما. ويُتوقَّع أن تستمر أحداث النقب، وقد تنتشر في مدن وقرى فلسطينية تعاني السلوك العنصري للعدو، فإن المشهد الفلسطيني الممتدّ منذ معركة “سيف القدس”، وروحَ المقاومة التي انطلقت في فلسطين المحتلة عام 1948، لن ينطفئ، وخصوصاً لدى الجيل الحالي من الشبّان والشابات، والذي يتوق إلى استعادة كرامته في أرضه ودياره، الأمر الذي يدلّ على أننا أمام مرحلة جديدة في الصراع مع العدو، تبشّر بمراكمة مزيد من النقاط لمصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
اما ردود فعل أوساط العدو فقد صنّفت الأرضي المحتلة عام 1948، على أنها تهديد استراتيجي يفوق خطره تهديد الصواريخ، وذلك منذ أحداث مايو 2021(سيف القدس). وحذّرت أوساط صهيونية متعددة من أن الفلسطينيّين البدو، في منطقة النقب، يمرّون فيما سمَّته “مرحلة الفلسطنة والأسلمة”، وطالبت بمواجهة هذه الظاهرة، قبل تحوّلها إلى خطر حقيقي على الدولة العبرية. كما اظهرت أحداث النقب تناقضات بالمواقف داخل الحكومة الصهيونية خاصة بعد تصريحات وزير خارجية العدو يائير لابيد، حين قال: إنه يدعم وقف برنامج غرس الأشجار، مضيفا مثلما أوقفت حكومة نتنياهو البرنامج في عام 2020، من الممكن التوقف الآن من أجل إعادة التنظيم، يحتاج الجميع إلى تهدئة المنطقة بدلاً من تأجيج النيران. وكشفت صحيفة “هآرتس” عن الخبير الصهيوني عاموس هرئيل، أن المواجهات العنيفة التي اندلعت في النقب مؤخرا، تعكس الاندماج الخطير بين أزمة سياسية شديدة وبين تهديد أمني داخلي، منوهة إلى أن اليمين الإسرائيلي كعادته، يصب الزيت على النار. اما الجنرال غيرشون هاكوهين قائد الكلية القيادية السابق في الجيش الصهيوني، فذكر في مقال له: إن أحداث النقب أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت الشرطة وقوات الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين في النقب، ما أنشأ شعورا بأن الاحتلال برمته في موقف ربما يكون الأكثر خطورة على الإطلاق.
وفيما يلي بعض ردود فعل الاعلام الفلسطيني المقاوم واعلام العدو حول احداث النقب وما اثارته من مخاوف وقلق داخل الكيان الصهيوني وتداعياتها على مستقبله الوجودي:
من جانبه الكاتب والمحلل الفلسطيني وسام أبو شمالة كتب مقالا في “الميادين نت”(15 /1/22) بعنوان” هبّة النقب الفلسطيني: الدلالات والتداعيات” قال فيه: تعتبر أوساط العدو أن الأحداث (هبة النقب) تفجّرت على خلفيتين وطنية وقومية، وجاءت في أعقاب تحريض فلسطيني ممنهَج، تنامى منذ معركة “سيف القدس”. فالعدو يعتقد أن حادثة التشجير التقطها الفلسطينيون في النقب المحتل، للتعبير عن هويتهم وتمسكهم بالسردية الفلسطينية منذ النكبة، ومفادها أن هؤلاء المستوطنين مجرد أغراب عابرون، وسيرحلون يوماً ما عن أرض الآباء والأجداد. وصنّف العدو الإسرائيلي الساحة الفلسطينية، في الأرض المحتلة عام 1948، على أنها تهديد استراتيجي يفوق خطره تهديد الصواريخ، وذلك منذ أحداث مايو 2021. وحذّرت أوساط إسرائيلية متعددة من أن الفلسطينيّين البدو، في منطقة النقب، يمرّون فيما سمَّته “مرحلة الفلسطنة والأسلمة”، وطالبت بمواجهة هذه الظاهرة، قبل تحوّلها إلى خطر حقيقي على الدولة العبرية. وعكست تصريحات صهيونية متعددة حجم التخوف من تداعيات الأحداث في النقب المحتل، وقال رئيس قسم العمليات السابق في جيش العدو، اللواء يسرائيل زيف، إن “المواجهات المندلعة في النقب تُعِيدنا إلى أحداث مشابهة خلال الانتفاضة الأولى. ويمكن القول إن هناك انتفاضة شعبية حقيقية في النقب”. وذكرت “قناة كان” العبرية أن المواجهات هي الأقوى منذ سنوات، وما زالت تتصاعد بوتيرة يومية. يُتوقَّع أن تستمر أحداث النقب، وقد تنتشر في مدن وقرى فلسطينية تعاني السلوك العنصري للعدو، فإن المشهد الفلسطيني الممتدّ منذ معركة “سيف القدس”، وروحَ المقاومة التي انطلقت في فلسطين المحتلة عام 1948، لن ينطفئا، وخصوصاً لدى الجيل الحالي من الشبّان والشابات، والذي يتوق إلى استعادة كرامته في أرضه ودياره، الأمر الذي يدلّ على أننا أمام مرحلة جديدة في الصراع مع العدو، تبشّر بمراكمة مزيد من النقاط لمصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
من جانبه عليْ الزيبق كتب في “شبكة الهدهد”(12/1/22) بعنوان” النقب الجرح الفلسطيني النازف منذ النكبة” فقال: أحداث النقب أحدثت في داخل الحكومة الصهيونية تناقضات بالمواقف وخاصة بعد تصريحات وزير خارجية العدو يائير لابيد، وقال: إنه يدعم وقف برنامج غرس الأشجار، مضيفا مثلما أوقفت حكومة نتنياهو البرنامج في عام 2020، من الممكن التوقف الآن من أجل إعادة التنظيم.. يحتاج الجميع إلى تهدئة المنطقة بدلاً من تأجيج النيران. من جانبه الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية قال في تصريح صحفي “ما يجري بالنقب ليس اعتداء على الأرض فقط وإنما اعتداء على العرض عبر اعتقال النساء والفتيات بطريقة همجية ووقحة، صمود أهلنا في النقب وثباتهم هو من سيفشل مشروع المؤسسة الإسرائيلية، أهلنا في النقب كانوا دائمًا رقمًا صعبًا، وسيبقون كذلك”. من جهة ثانية اكدت اللجنة القطرية في أعقاب أحداث النقب، التي تستهدف في جوهرها وفي أبعادها المسّ بالوجود العربي الفلسطيني في منطقة النقب، اكدت أن الجماهير العربية ومُؤسساتها وهيئاتها الوطنية الوحدوية التمثيلية والقطرية لن تترك أبناء شعبنا في النقب وحدهم في هذه المواجهة المصيرية، وتدعو الى دعم وتعزيز صمودهم وبقائهم وتطورهم في وطنهم، ورفد نضالهم بكل وسائل ومُقوِّمات الصمود والمواجهة والتحدِّي.
ومن جانبها ترجمت “شبكة الهدهد” مقالا للصحفية الصهيونية دانا بن شعمون في صحيفة “زمان يسرائيل” (16/1/22) بعنوان” الفلسطينيون يجندون فلسطينيي 48 لمعركة ضد إسرائيل.. الشيخ جراح نسخة النقب” قالت فيه: تحاول المنظمات في الضفة الغربية وغزة خلق تقارب بين الشعب الفلسطيني وفلسطينيي 48، وكانت الذروة مع اندلاع الاشتباكات العنيفة في “المدن المختلطة” قبل ثمانية أشهر، ذروة أخرى سُجلت، وكانت في أعقاب التوترات المتزايدة بين “المواطنين البدو وقوات الأمن الإسرائيلية” في النقب. إن محاولة حماس تجنيد المواطنين العرب في “إسرائيل” للمقاومة” هي جزء من جهد لتوسيع المعادلة القديمة الجديدة التي فرضتها المنظمة على “إسرائيل” في أعقاب أحداث الأقصى والشيخ جراح في مايو الماضي من خلال ضم فلسطينيي 48 إلى هذه المعادلة أيضًا. حماس عملت حينها على إرساء قواعد جديدة للعبة ضد “إسرائيل” على محور الشيخ جراح – غزة، والتي بموجبها يرد التنظيم أيضًا على الأحداث التي تجري في القدس. وقد أدت الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ومسألة المنازل المهددة بالإخلاء في حي الشيخ جراح بالمدينة إلى رد فعل مضاد أطلقت فيه حماس صواريخ من غزة إلى منطقة القدس؛ مما أدى إلى تصعيد حاد لمدة 11 يوما. قيادة حماس لا تكتفي بذلك، فإنها تهدد الآن بتطوير الطريقة، وتضمين مناطق جغرافية داخل الخط الأخضر، بما فيها النقب، وهذه إشارة إلى أنه لا فرق من وجهة نظر حماس بين النقب وحي الشيخ جراح وقرية بيتا في الضفة الغربية. وهذا يعني أنه ليس من المستبعد أن تطلق حماس لاحقًا صواريخ على النقب، طالما أنه لا يوجد تقدم في المحادثات مع إسرائيل بشأن إعادة إعمار قطاع غزة وصفقة تبادل أسرى. إن تدخل الفصائل الفلسطينية ورعايتها لفلسطينيي 48 تطور خطير بالنسبة لإسرائيل.
وغرد المختص بالشأن الصهيوني د. صالح النعامي (13/ 1 / 22) في حسابه على التويتر قائلا: المقاومة التي تتفجر في النقب تمثل مرحلة جديدة في الصراع ضد المحتل الصهيوني لا تبشر فقط بتعميم التوجهات النضالية في كل فلسطين الداخل وكنس مشروع منصور عباس الهاذي وإسقاط حكومة بينت التي يشارك فيها، بل قد تدفع إلى توحيد ساحات النضال الفلسطيني بشكل يفوق ما حدث في هبة القدس. مشكلة إسرائيل مع هبة النقب أن هذه المنطقة تضم عددا من أهم القواعد العسكرية والمرافق الأمنية الحساسة وتشرف القرى الفلسطينية فيها على شبكة الطرق التي يسلكها الجنود منذ فترة يحذر الدعائيون الصهاينة من “مخاض الفلسطنة والأسلمة” التي يمر بها الفلسطينيون من بدو النقب.
كذلك كتب المختص بالشأن الصهيوني د. عدنان أبو عامر في “عربي21″ (18/ 1/22) بعنوان” قلق من هبة النقب وتحدي الشبان لشرطة الاحتلال” قال فيه: الجنرال غيرشون هاكوهين قائد الكلية القيادية السابق في الجيش الصهيوني، ذكر في مقال بصحيفة “إسرائيل اليوم”: إن أحداث النقب التي تمثلت في قيام الشبان بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على الشرطة، وإضرام النار في المركبات، أثارت تساؤلات حول ما إذا كانت الشرطة وقوات الاحتلال فقدت قدرتها على الردع أمام المتظاهرين في النقب، ما أنشأ شعورا بأن الاحتلال برمته في موقف ربما يكون الأكثر خطورة على الإطلاق. يعتبر الإسرائيليون أن تجرؤ الشبان في النقب على الانتفاض في وجه سلطات الاحتلال التي وفرت الحماية لعملية التشجير الاستيطانية خلق واقعا أمنيا مقلقا، تحولت فيه الشرطة من مسيطرة ورادعة إلى مضطهدة وخاضعة للسيطرة من الفلسطينيين، ما يمنح مصداقية للقلق الذي يساور الإسرائيليين، وهم يرون شرطتهم وأجهزتهم الأمنية مردوعة أمام المتظاهرين الشبان الذين يرشقون الحجارة وزجاجات المولوتوف، ويغلقون أمام المستوطنين الطرق المؤدية إلى البحر الميت.
من جانبه كتب احمد صقر في موقع “عربي 21″(13/1/22) مقالا بعنوان” قلق إسرائيلي من امتداد انتفاضة النقب إلى مدن بالداخل المحتل” قال فيه: كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، وجود حالة من القلق لدى مختلف المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بسبب انتفاضة سكان النقب ضد انتهاكات الاحتلال بحقهم. وأكدت الصحيفة في تقرير للخبير الإسرائيلي عاموس هرئيل، أن “المواجهات العنيفة التي اندلعت في النقب مؤخرا، تعكس الاندماج الخطير بين أزمة سياسية شديدة وبين تهديد أمني داخلي”، منوهة إلى أن اليمين الإسرائيلي “كعادته، يصب الزيت على النار”. ورأت أن “الحكومة في حال لم تستيقظ بسرعة، يمكن أن تجد نفسها أمام الخطر الأمني الأخطر الذي سجل في إسرائيل منذ المواجهات التي وقعت في المدن المختلطة أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة”. ونبهت “هآرتس” إلى أن “الأجواء في أوساط البدو في النقب تسخن بالتدريج منذ بضعة أسابيع، وبالأساس على خلفية الخوف من استئناف هدم البيوت، وقفز الغضب درجة بسبب التشجير في أراضيهم”، منوهة إلى أن حكومة نفتالي بينيت تستخدم “التشجير من أجل إبعاد السكان البدو عن الأراضي التي يعيشون فيها”.