حوارات الفصائل الفلسطينية في الجزائر بذور الفشل وشروط النجاح

مما لا شك فيه ان الجزائر شعباً وجيشاً وقيادة تمثل البعد الاستراتيجي للامة وخزان العروبة العميق بتاريخها الجهادي المجيد ورمزيتها النضالية الذي احتلها هذا البلد العربي العظيم بكل ما يحتويه بالاضافة للبعد العلمي والتطور التقني الذي وصلت اليه الجزائر فهي ليست امتداداً لبلد ثورة المليون ونصف المليون شهيد وحسب وانما هي امتداد لكل ما هو ثوري وانساني جسده القادة العظام بثبات منقطع النظير في جميع الساحات والمحافل العربية والدولية ومن خلال الدعم المستمر لكل قوى التحرر في العالم وفي المقدمة منها فلسطين وقضيتها وفصائلها، ففلسطين وتحريرها بالنسبة لكل جزائري ارث متوارث ينتقل من جيل لجيل لم يتبدل ولم يتغير، فهذه هي الجزائر التي تحتل في قلوب وعقول ابناء فلسطين مساحة لا يمكن ان يحتلها بلد آخر وهل يمكن لاحرار شعبنا وامتنا نسيان قادة عظام كعبد القادر الجزائري واحمد بن بلا وهواري بومدين وغيرهم من أحرار الجزائر الحر الابي.

وليس غريباً على الجزائر وكما فعلت طيلة العقود الماضية ان تطلق  مبادرة تجمع فيها كل القوى الفلسطينية على مختلف مشاربها ومنطلقاتها السياسية والفكرية بما فيها من انغمس في اتفاقية اوسلو او وافق عليها ضمنياً وينسق مع العدو الصهيوني ضد مصلحة الشعب الفلسطيني وقضيته كما شاركت ايضاً الفصائل المعارضة لمسيرة زمرة اوسلو كحركتي الجهاد الاسلامي وحماس وغيرهما من فصائل قوى التحالف الفلسطيني والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرها..

 

ولا غرابة في نوايا الجزائر الطيبة التي استضافت الحوار الفلسطيني والذي عجزت عنه عواصم اخرى كالقاهرة والرياض وانشغال دمشق العروبة بالحصار المفروض عليها من القريب والبعيد وعملها الدؤوب لاستعادة وحدة شعب سورية واراضيها.

فماذا عن الحوار الذي دعت اليه الجزائر رغم ظروفها الصعبة والتهديد الذي تواجهه  من قبل تحالف صهيوني مع جارها في الغرب..؟؟!!

فالجزائر رضيت ان تستقبل كل القوى الفلسطينية من زمرة اوسلو المهيمنة على فتح الام الى القوى الاسلامية المجاهدة والقوى اليسارية والقومية وهو طيف واسع يحمل في ثناياه بذور الاختلاف والتناقض فأي حوار يمكن ان يكون بين قوى ترفض رفضاً قاطعاً الاعتراف بشرعية الوجود الصهيوني على ثرى فلسطين وطرف (سلطة اوسلو) هو جزء من ادوات المشروع الصهيوني ينسق مع العدو امنياً ومعلوماتياً ويسلم المناضلين ويحبط عملياتهم ضد العدو و يعتقل المقاومين والاسرى المحررين وكل من يعارض المشروع الصهيوني, فكيف يمكن لهذه الاداة ان تشارك في حوار وطني و يعقد اتفاقيات تتعارد مع دوره كأداة للمشروع الصهيوني.

إن الجزائر عندما تخوض غمار ادارة مثل هكذا حوار… لا بد لها من أن تحاكم الأمر من منظور جزائري محض والتجربة النضالية الجزائرية … فما لم تكن لترضاه الثورة الجزائرية من الاعتراف لفرنسا بذرة تراب من ثرى الجزائر الغالية لا يمكن لها أن ترتضي ذلك لفلسطين ولثرى عكا و صفد و حيفا و يافا و تل الربيع و بئر السبع…. إن ما لم ترتضيه الثورة الجزائرية لادوات المستعمر الفرنسي لا يمكن ات تقبل به لادوات المشروع الصهيوني!!

و لمن يعرف الطريقة التي تعمل عليها سلطة أوسلو في رام الله لوأد أي حوار قبل ان يبدأ فهي ترسل عزام الأحمد لمثل هذه اللقاءات ليعقد الاتفاقيات بالأحرف الأولى ثم ينقلب عليها عند أقل  التفاصيل وحسب المثل الدارج ( اللي يجرب المجرب عقله مخرب…)

نعم ذهبت عموم الفصائل حاملة برامجها إلى الجزائر… و كم تحمل هذه البرامج من تناقضات مع من يختطف منظمة التحرير و من يختطف فتح…

اننا نخاطب اخوتنا  ورفاقنا في الجزائر ( الذين يحملون حسن النية بدون أدنى شك) : كيف لمثل هذا الطيف ان يتفق…. وهناك خلاف جوهري من حيث المبدأ حول موضوع تحرير فلسطين  وهناك من لا يعترف لنا بها!!! ويتنازل عن اكثر من ٧٨٪ من أرض فلسطين للصهاينة وهي نسبة تتزايد باضطراد؟؟!!

وإذ نطرح مثل هذا التساؤل لا من باب السذاجة السياسية فنحن اعرف الناس بمناورات زمرة اوسلو ومحاولتها تجيير مثل هذا المهرجان لغاياتها السياسية التي تريد إظهار حضورها ووجودها امام الصهاينة والامريكان.

ونحن لا نشك بمعرفة ووعي  الأخوة في الجزائر بكل ذلك و تحديد الخطوط العريضة التي يجب الاتفاق حولها, و التي برأينا تبدأ باعتراف الجميع أن فلسطين بحدودها التي كانت قائمة في عهد الانتداب البريطاني وحدة اقليمية فلسطينية عربية لا تقبل التجزأة وعدم الاعتراف بشرعية وجود الاحتلال الصهيوني عليها.

و التفاف جميع القوى حول الشعب الفلسطيني في تصديه لهذا الاحتلال.

و اعتماد الكفاح المسلح طريقاً شرعياً تعترف به كل الدول لتحرير ترابها و تحقيق استقلالها.

 

والعمل مع جميع القوى الدولية لدعم الأسرى و تحريرهم من سجون العصور الوسطى البغيضة, واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية وفقاً للأسس التي تأسست عليها و على رأسها  الميثاق الوطني الفلسطيني بيتاً لجميع الفصائل الفلسطينية بمختلف أطيافها الفكرية و السياسية ما دامت مؤمنة بحق الشعب الفلسطيني في تحرير وطنه كاملاً غير منقوص, ونبذ و معاقبة كل مرتبط و منسق و مساوم و اعتباره خائناً للوطن و القضية المقدسة ما يستلزم احالته إلى محكمة ثورية جزاءاً لما اقترفت يداه و نكالاً و اعتباره عبرة لغيره, ومنع اي لقاء لأي شخصية فلسطينية مع أي مغتصب صهيوني إلا في اطار البحث لهم عن مخرج يخرجون به من فلسطين عندما تكون قوى الثورة تحاصر معسكراتهم و مقراتهم…. فيكون البحث لحقن المزيد من دمهم لما يتحلى به شعبنا من روح الانسانية..

هذه الأسس و غيرها من المباديء التي انتهجتها ثورتنا في الجزائر إبان التحرير.. هي الفيصل و هي محور اللقاء… و ما سواها عبث و مضيعة للوقت والأخوة في الجزائر أحق بهذا الوقت للسير قدماً في مناحي التطوير و البناء الجزائري العظيم الذي يشكل بحد ذاته تحدياً و نصرة لفلسطين و شعب فلسطين و لاحرار الشعب الفلسطيني الذين يلقنون المحتل في كل يوم الدروس مؤكدين على فلسطينية كل ذرة تراب من أرض فلسطين من نهرها إلى بحرها و رأس الناقورة إلى ام الرشراش.

فالجزائر ملهمة الثورات في آسيا و افريقيا و أمريكا اللاتينية لن ترتضي للثورة الفلسطينية أن تنهل إلا من عذب مائها الصافي و رحيق روح ثورتها المنتصرة.. هذا وعدها ووعد الله…

ونحن في حركة فتح/المجلس الثوري لعلى يقين بأن اي وحدة حقيقية لن تكون الا بين القوى المجاهدة وعلى برنامج نضالي مقاوم وغير ذلك عبث واعادة خلط للاوراق ومساواة بين المجاهد والمنسق مع الصهيوني لطالما حذرنا من مثل ذلك .

ويقيننا ان النصر لن يكون  الا حليف شعبنا وقضيتنا.

كل التحية لشعبنا العظيم في الجزائر و لحكومته و جيشه و قيادته..

مشاركة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *