تتسارع الاحداث و المواقف السياسية التي تاتي في سياق الخطوات التنفيذية لخطة الرئيس الامريكي دونالد ترامب المسماة بصفقة القرن و الهادفة الى تصفية قضيتنا الفلسطينية,و التي هيء لها ترامب وصهره جيرالد كوشنير الارضية و الادوات المناسبة منذ وصوله الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة, و اتخاذ خطوات تحدد الرؤية الامريكية لانهاء الصراع العربي الصهيوني من خلال الاعتراف بالقدس المحتلة كعاصمة للكيان الصهيوني و ضم الجولان المحتل, ومن ثم الاعلان الرسمي عن الصفقة بحضور الارهابي نتنياهو الى جانب سفيري الامارات و عمان .
وقد أتت خطوة الامارات بتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني في هذا السياق, كما جاء موقف الجامعة العربية الرافض لادانة الخطوة الاماراتية و اعتبارها قرارا سياديا ليؤكد مباركة و رضى النظام الرسمي العربي و موافقته على يسمى بصفقة القرن, و كذلك جاءت خطوة البحرين المماثلة لخطوة الامارات في تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني, ولا نستبعد ان تقدم انظمة اخرى على خطوات مشابهة.
و على الرغم من قناعتنا ان النظام الرسمي العربي غير قادر على اجبار جماهير الامة بالتعايش مع الوجود الصهيوني و القبول به كصديق, الا ان مهمة افشال صفقة القرن و كل المشاريع الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية هي مسؤولية الشعب العربي الفلسطيني باعتباره رأس الحربة في مواجهة المشروع الصهيوني ككل و المتضرر الاول من وجوده , و تبقى جماهير الامة الداعم و المساند لنضال شعبنا.
و لقد جاء اجتماع ” الامناء العامين للفصائل الفلسطينية” الاخير مخيبا لآمال شعبنا و آمال أحرار الامة , اذ انه حدد سقف وسائل الصراع مع العدو الصهيوني بسقف وسائل رموز اوسلو ” المقاومة الشعبية “, و اسقط كل الوسائل الاخرى كالكفاح المسلح و المقاومة المسلحة,و يمكن القول ان سلطة اوسلو هي المستفيد الوحيد من هذا الاجتماع حيث استطاعت تدجين الفصائل الاخرى و جرها الى مستنقعها, لا بل اجبرت الفصائل على التنازل عن شرعية التمثيل الفلسطيني لصالح سلطة اوسلو.
و على الرغم من كل ذلك فان الاوان لم يفت بعد و تبقى المبادرة في يد محور المقاومة عامة و الفصائل الفلسطينية المقاتلة و المجاهدة خاصة, في قلب الطاولة و افشال مايسمى بصفقة القرن, و ذلك بالخروج من حالة اللاحرب و اللاسلم “التهدئة” القائمة لان الكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد منها, و العودة الى مرتكزات الصراع مع العدو, وتصعيد المواجهة المسلحة من خلال العمليات الفدائية .
لقد اثبتت اتفاقية العار اوسلو , و مع حلول ذكراها في الـثالث عشر من الشهر الجاري انها كانت البوابة التي نفذ منها الكيان الصهيوني الى وطننا العربي, و الشماعة التي استخدمها النظام الرسمي العربي ليعلق عليها كل الخطوات الخيانية التي اقدم عليها, كما اثبتت ان القيادة المنحرفة التي وقعت الاتفاقية ما كانت الا اداة في مشروع تصفية القضية الفلسطينية و ان هذة الاداة قد انتهت صلاحيتها في الحسابات الصهيونية الامريكية و لذلك تم تجاوزها في ما يسمى بصفقة القرن.
فالخطوة التطبيعية الخيانية الإماراتية والبحرينية التي تلتها وما يمكن أن يستتبعها من خطوات لأنظمة الردة والخيانة العربية وهذا التسارع ما كان ليتم لولا إقدام قيادة التسوية والاستسلام والانحراف على الساحة الفلسطينية بخطواتها التي توجتها في أوسلو في ١٣/ ٩/ ١٩٩٣، واستخدام تلك الانظمة لنغمة: لن نكون اكثر حرصاََ وملكيين اكثر من الملك ” لتسويغ وتبرير خياناتهم وتطبيعهم مع عدو الأمة.
إن مهمة إسقاط كل مشاريع التطبيع ورفض مفاعيله ستبقى مسؤولية شعوب الأمة وجماهيرها رغم حالة الضعف والانكسار الظاهرية التي تبدو عامة في معظم أرجاء وطننا العربي وكل مشاريع التفتيت وخلق الفتن الطائفية والصراعات الاثنية والعرقية التي اوجدها تدخل الادارات الامريكية المتعاقبة ومخططاتها الرامية إلى طي القضية الفلسطينية وازالتها من عقول وضمير جماهير الأمة والتي يقيناََ لن تستمر وستعود جماهير أمتنا وقواها الحية لأخذ دورها على صعيد نهوض الأمة وتأكيد أولويات قضاياها المنسجمة مع مصالحها الحقيقية وفي المقدمة منها قضية فلسطين وتحريرها.