معركة الكرامة الخالدة .. في الذكرى ٥٣ للأنتصار
تحتفل جماهير شعبنا وأمتنا في الحادي والعشرين من آذار من كل عام بذكرى معركة الكرامة الخالدة ، ويعتبر هذا اليوم يوماً مجيداً في تاريخ فلسطين والامة ، إذ تعد معركة الكرامة أول انتصار عربي وفلسطيني على آلة الحرب الصهيونية بعد سلسلة من الهزائم كان آخرها في حزيران عام ١٩٦٧ ، فقد تمكنت قوات المقاومة الفلسطينية وبعض الوطنيين الاحرار في الجيش الأردني وسكان قرية الكرامة من صد هجوم شرس ، شنته قوات العدو الصهيوني على قرية الكرامة شرقي نهر الاردن بهدف القضاء على المقاومة الفلسطينية وقواعدها التي كانت تتمركز في الكرامة متخذة منها منطلقاً للقيام بالعمليات المركزة تجاه قوات العدو الصهيوني في فلسطين المحتلة غربي نهر الاردن وإلحاق الخسائر البشرية والمادية بقواته وقطعان مستوطنيه ..
في هذا اليوم عام ١٩٦٨م ، شنت قوات من جيش العدو قوامها أربعة ألوية ووحدات مدفعية وأربعة أسراب من الطائرات القاذفة ، إضافة الى طائرات عامودية ، برفقة خمسة عشر ألف جندي ، هجومًا واسع النطاق على الضفة الشرقية لنهر الأردن ، في منطقة امتدت من جسر (دامية) شمالاً حتى جنوبي البحر الميت .
وقد بدأت هجومها عند الساعة الخامسة والنصف من صباح ٢١ آذار ١٩٦٨ على أربعة محاور، وهي: محور العارضة ، ومحور وادي شعيب ، ومحور سويمة ، ومحور الصافي ، ولكن المعارك الرئيسة دارت فعلاً على المحاور الثلاثة الأولى .
إصطدمت قوات العدو المهاجمة بمقاومة عنيفة من الفدائيين الفلسطينيين من أبناء حركة فتح وأحرار من الجيش الأردني رفضوا أوامر النظام الذي حاول لاحقاََ ركوب الموجة والأستفادة من شجاعة الفدائين والعسكريين ، وقد بلغت المعارك ذروتها بعد الساعة العاشرة صباحًا، حيث دارت معارك بالسلاح الأبيض والأحزمة الناسفة ، وفي الساعة الحادية عشرة والنصف طلب الكيان الصهيوني جراء خسائره ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني من الجنرال أودبول (كبير المراقبين الدوليين) وقف إطلاق النار، وتم انسحاب آخر جنود قوات العدو في الساعة الثامنة والنصف مساء ، بعد أن تكبدت خسائر إضافية خلال انسحابها جراء القصف المدفعي من أحرار الجيش الاردني ومن كمائن المقاومة الفلسطينية المنتشرة على كافة المحاور.
إستمرت معركة الكرامة خمس عشرة ساعة ، خسرت فيها قوات العدو الصهيوني مائتين وخمسين جندياً ، إضافة إلى نحو أربعمائة وخمسون جريحًا، بينما إرتقى من الجانبين الفلسطيني والأردني نحو مئة وخمس وثمانون شهيداً ونحو مئتي جريح .
وقد شكلت هذه المعركة العسكرية التي عرفت بـ”معركة الكرامة” أول اشتباك عسكري مباشر وجهاً لوجه بين جيش صهيوني منظم ومدرب من جهة ، وقوات المقاومة الفلسطينية جنباََ إلى جنب مع أحرار من الجيش الأردني من الجهة الأخرى .
مؤكِدة على أن وحدة الجهود وتضافرها بين أبناء الأمة والصدق في المواجهة سيحقق الانتصار حتماً مهما بلغت قوات العدو تطوراً في العدة والعتاد .
ومن نتائج المعركة أيضًا هزيمة قوات العدو الصهيوني مخلفة أعدادًا كبيرة من الآليات المدمرة والمعدات العسكرية ، وفشل ذريع في تحقيق أي من ألأهداف التي شنت قوات العدو معركة الكرامة من أجلها فقد بقيت قوات الثورة متمركزة وانتشرت بشكل واسع وشكلت معركة الكرامة منعطفاً هاما على حركة فتح وعلى معنويات جماهير شعبنا العربي الفلسطيني وأمتنا العربية والتحاق الالاف من المتطوعيين في صفوف المقاومة من شتى اقطار الوطن العربي .
وفي الذكرى ال٥٣ لمعركة الكرامة الخالدة التي أكدت أن لا سبيل سوى المقاومة والكفاح الثوري المسلح أُسلوباً حتمياً ووحيداً لحسم الصراع مع عدو الأمة وتحرير كل فلسطين وتطهيرها من براثن العدو الصهيوني ، رغم السلوك المنحرف والأستسلامي الذي سلكته القيادة المنحرفة واللاشرعية لحركة فتح وتوقيعها اتفاق أوسلو المذل والتنسيق والتطبيع مع العدو الصهيوني الذي فتح الباب على مصراعيه لهرولة العديد من الانظمة الخانعة والمستسلمة ..
ونحن في هذة الذكرى العطرة ذكرى معركة الكرامة الخالدة نُجدد العهد بأسم حركتنا فتح / المجلس الثوري ، بأسم شهدائها وعموم قيادتها وكادرها وأعضائها أن نبقى الاوفياء المخلصين لدماء الشهداء وتضحياتهم وإنجازاتهم حتى التحرير الكامل لكل فلسطين وتحقيق كل اهداف أمتنا العربية في التحرر والوحدة وبناء الديمقراطية الشعبية على كل الأرض العربية ..