تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » اجتياح رفح التهديد بين والواقع والنتائج

اجتياح رفح التهديد بين والواقع والنتائج

كثر التلويح الصهيوني باجتياح رفح ،وهو تلويح يحمل الكثير من الدلالات في غير وجه، وبات التهديد به سمة الشهرين من معركة غزة.

وبادئ ذي بدء لا بد من التأكيد أن رفح هي آخر بقعة في غزة، لم يدخلها العدو الصهيوني بقوامه العسكري بشكل مباشر، وتثير المخاوف من اجتياحها النتائج التي ستسفر عنه، كما أنها آخر الأوراق التي يملكها نتنياهو.

ولقراءة ذلك لابد من توضيح مبسط للخريطة العسكرية، والسياسية، التي تمثلها مدينة رفح في أتون هذه المعركة:

اولا :رفح جيوسياسيا

تقع رفح في جنوب غرب قطاع غزة، بمساحة لا تتجاوز 64 كيلو متر مربع من أصل 365 كيلو متر مربع، المساحة الإجمالية لقطاع غزة.

وهي محصورة بين البحر الأبيض المتوسط غربا ،ورفح المصرية جنوبا، ومجموعة المستوطنات في الغلاف الجنوب الشرقي، ولا منفذ جغرافي إلا على وسط غزة.

ونحن نعلم أن الجانب المصري قد أقام جدر عازلة، تمتد لعشرات الأمتار تحت الأرض، وعلى طول السياج، وعددها أربع جدر ضمن ما عرف بمقاومة الإنفاق واغراقها ،وحتى معبرها الوحيد مرتبط بمعبر كرم أبو سالم، المسيطر عليه صهيونيا.

وبفعل التهجير الداخلي الذي مارسه العدو بحق شمال ووسط قطاع غزة، ضمن ما سمي بالمناطق الآمنة، فيسكن رفح نحو من 1.5 مليون فلسطيني، سواء في خيام الإيواء أو إحيائها الخمسة.

والسيناريوهات العسكرية الصهيونية، تقوم على مبدأ اجتياح الأحياء عبر معارك الكر والفر، لتهجير ما يمكن تهجيره ، وإفراغ الأحياء إلى الوسط والشمال.

إذا نحن أمام كتلة بشرية غير مسبوقة، في بقعة جغرافية ضيقة، لا خيار أمامهم إلا المقاومة والصمود، مع تعذر وجود بدائل جغرافية أخرى، وهذا بالمعنى الشعبي والعسكري ‘تحول القط الى نمر‘، حيث لا خيار سوى الموت.

والمعلومات الاستخبارية الصهيونية، تشير إلى وجود لواء مقاتل تابع للمقاومة’’ لواء رفح’’، بتعداد يتجاوز 10,000 مقاتل باستحكاماتهم العسكرية، لم يدخلوا المعركة في غزة بشكل مباشر وفعال، ويتمتعون بمنظومة اتصال لا يستهان بها.

ثانيا: الإعداد الصهيوني

في المقابل يقوم العدو الصهيوني بتحشيد مجموعة من الفرق العسكرية، المتنوعة، ’’ميكانيكية، مدرعة، مظليين، مهام خاصة’’ اضافة الى الهندسة، وسلاح الطيران والمدفعية، ودعم من قوات الاحتياط، عبر ترميم الفرق المهزومة، من معارك الوسط والجنوب ،وعلى رأسها قوات النخبة، وسط تململ وتخوف من قيادات الجيش العسكرية والأمنية، من النتائج ،في ظل عدم توفر المصادر والمعلومات الاستخبارية الدقيقة.

ثالثا: المعادلة السياسية

 تتسارع وتيرة التهديدات باجتياح رفح، وفق الواقع المشار إليه، في معركة يصعب التكهن بنتائجها سياسيا وعسكريا.  ولذلك تم التلويح بها منذ مدة ليست بالقصيرة،(التهديد بالردع) ، وهذا على غير عادة العدو الصهيوني، الذي لا يستأذن أحداً في خططه.

اذا هناك جملة من الأهداف يريد الكيان الصهيوني الوصول إليها:

1- استخدام ورقة رفح بما تعنيه جيوسياسيا في معركة التفاوض ،لتحصيل ما لم يحققه إلى الآن ميدانيا في شمال ووسط قطاع غزة، ومحاولة لي ذراع المقاومة.

2- وكون هذه القضية باتت سيرة عربيا وعالميا، فإنه يهدف من هذا التهديد الى الحصول على مكاسب سياسية، من محور التطبيع العربي المجاهر بتقصيره في معركة غزة، فكيف يكون الأمر مع هذه الملايين التي تشكل عنوان المجازر القادمة التي لن ترحم أحدا.

3- كما تشكل ورقة ضغط على الإدارة الأمريكية( الرافضة ظاهريا)  لهذا الاجتياح وهي الواقعة بين مطرقة الداخل المتضامن مع غزة، وبين سندان الأمن الصهيوني، ومن خلفه ’الايباك’ المسيطر على قرارات هذه الإدارة.

4- محاولة صهيونية للهروب الى الأمام أمام تجمع المستوطنين الصهاينة، والإيحاء بأن الأسرى قد يتواجدون هناك في رفح، وهي رواية كاذبة ومخادعة، سيما أن الوقت بدأ بالنفاذ أمام هذه الحكومة، التي تترنح تحت ضربات الهزائم السياسية والعسكرية التي منيت بها بعد 210 أيام من الحرب التي لم يحصل منها العدو الصهيوني، سوى الخزي والهزائم ولم تحقق أي من،الاهداف بل ،باتت تحصد المزيد من الخسارات داخليا واقليميا وعالميا.

ومن الأهمية بمكان هنا ،تقديم صورة الكيان الداخلية، لمعرفة المأزق الواقعة فيه حكومة العدو بعد سبعة أشهر:

أ- فهناك ما يقارب المليون يهودي من سكان المستوطنات من غلاف غزة وشمال فلسطين أصبحوا لاجئين في منطقة تل أبيب وحدها.

ب- 750 ألف شخص (سدس القوى العاملة )أصبحوا عاطلين عن العمل.

ج- قطاعات الزراعة والعقارات، فقدت أكثر من نصف قوتها العاملة إذ أن التجنيد والاحتياط سحب معظم الأيدي العاملة.

د- ارتفاع نسبة الديون إلى 70% من إجمالي الناتج المحلي.

ه- رغم مواسم الأعياد في القدس ،فقد انخفضت السياحة الدينية المتوقفة اصلا بشكل يكاد يكون كاملا.

و- باتت كل نواحي الحياة في إطار ( المؤجل…الطارئ…  الاستثنائي )،الأمر الذي حدا بمدير بورصة تل ابيب إلى القول :(ستتحول إسرائيل إلى دولة فقيرة اذا لم تتوقف الحرب) .

وبعيدا عن عنتريات رئيس الحكومة نتنياهو فالجيش الصهيوني يخشى هذه العملية قياسا على عمليات شمال ووسط القطاع ونتائجها.

وكتب الجنرال احتياط (اسرائيل زييف) ،المطلع على مواقف هيئة الأركان ‘‘أي صفقة تبادل تسبق عملية رفح هي أهم من العملية التي من الأفضل ان لا تتم أبدا ، ورفح غير مهمة بشكل خاص  لاجل تدمير‘ حماس ‘ والشرك الاستراتيجي الذي ينتظرنا هناك ،يمكن ان يؤدي الى نتائج صعبة ‘‘.

ويضيف ’’نتنياهو لا يرى الحفرة التي قد يقع فيها هو واسرائيل’’.

وخلاصة القول:

ان ورقه رفح هي الورقة الأخيرة، التي يراهن عليها العدو الصهيوني، للحصول على اسم لنصر سياسي ومعنوي.

ولعل تتابع التهديد برفح ،إنما هو استثمار ما يمكن استثماره من الوقت ،الذي يبدو أنه لا يمر لصالح هذا الكيان ،وإلا كيف نفهم التصريح قبل التنفيذ؟.

وعلى أية حال، فإن المقاومة مطمئنة إلى رفح التي ستتحول إلى قنابل بشرية، في وجه العدو الذي يغوص في رمال غزة المتحركة، كما أنها مطمئنة، بأن رفح لن تكون ورقة ضغط عليها ،وهي التي خبرت صمود الشعب الفلسطيني خلال سبعة أشهر، من القتل والتدمير والعدوان.

وعلى العكس فهناك تمني أن يفعلها نتنياهو ،الذي سيخسر آخر أوراقه ومراهنات على توريط الجميع في معركة، لا يضمن هو وحلفه نتائجه محليا واقليميا ودوليا، في ظل انتفاضة الجامعات التي قضّت مضجع الإدارة الأمريكية وتتهيب أوروبا لمثل ذلك، إذا ما استمرت الحرب وفعل نتنياهو حماقته في رفح.

والحقيقة أن نتنياهو لو كان يملك النتائج والخيارات لما انتظر كل هذه المدة، في وقت كان الغرب يقف معه قلبا وقالبا ،اما اليوم فالسفين الفلسطيني قد غلب التيار.

 

د.حسين موسى

كاتب وصحفي فلسطيني

مختص بالشؤون الفلسطينية والصهيونية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي

من النظام الداخلي لحركتنا فتح

القواعد والأسس التنظيمية

مقدمة هيكل البناء الثوري

أخي يا رفيق النضال
إن هذه الحركة وهذا العمل لأمانة وطنية ومسؤولية تاريخية.. فلتحمل الأمانة الغالية.. ولتقدر المسؤولية الخطيرة.. ولتهيئ كل من حولك ولتلهب روح العمل الثوري المنظم في كل نفس عربية مخلصة لفلسطين مؤمنة بتحريرها. ولنروض جميعا نفوسنا على الصبر ومواجهة الشدائد واحتمال المكاره والبذل.. والتضحية.. والفداء.. بالروح والدم.. والدم.. والجهد.. والوقت وهذه كلها من أسلحة الثوار.

لذلك.. لا تقف يا أخي!!
وفي هدوء العاملين.. وصمت المخلصين وفي عزم الثوار.. وتصميم المؤمنين.. وصبر المكافحين.. انطلق سريعا لأن شعبنا بحاجة لكل لحظة من الزمن بعد أن امتدت مأساتنا هذه السنين الطوال. ولتعلم أن عدونا قوي.. والمعركة ضارية ليست قصيرة.. وأن العزم.. والصبر والسرية والكتمان والالتزام بأهداف الثورة ومبادئها يحفظ خطوتنا من الزلل والتعثر ويقصر الطريق إلى النصر.. فإلى الأمام .. إلى الثورة.. وعاشت فلسطين حرة عربية “فتح”

اقرأ المزيد