الكاتب: د. حسين موسى
لم تجف الفرحة في عين نتنياهو من عملية تحرير اربعة اسرى ،يدرك نتنياهو انها فشل مضاف للهزائم العسكرية، حتى أتت الصفعة من الاستقالات في مجلس الحرب، ولم ينفعه التدخل الأمريكي في ابعاده عن الأمتار المتبقية في مستقبله السياسي.
فما معنى أن يستقيل غانتس وآيزنكوت وقائد فرقة غزة؟
في اليوم ٢٤٧ من العدوان يستقيل ممثلو الجناح العسكري في مجلس الحرب، معترفين بالفشل في تحقيق الأهداف، وأن وعود نتنياهو فارغة، وهدفه البقاء في السلطة، ولا يملك رؤية للنصر كما وعد.
معنى ما حصل، أن الجيش يقود انقلاباً داخلياً على نتنياهو وداعميه من اليمين المتطرف، ولم يعد مستعداً للاستمرار في حرب بلا خطة، وقتل دون طائل، وتصعيد يضع إسرائيل في أزمة داخلية وعزلة دولية.
والنتيجة التي يمكن استخلاصها من طوفان الاستقالات، الذي لن يعرف مداه، أنه لا يمكن لجيش يتصارع قادته أن ينتصر .. بل عليه أن ينتظر هزيمة نوعية وهذا مؤشر سترسم الأيام القادمة بداية التغيير.
ساند بيني غانتس (رئيس أركان سابق ٢٠١١ – ٢٠١٥) نتنياهو في جرائمه في غزة، ودافع عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيشه، ولكنه خسر سمعته، وقد تُوجَّه له من الجنائية الدولية تهمة المشاركة في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
زميله غادي آيزنكوت (رئيس أركان سابق ٢٠١٥ – ٢٠١٩) انسحب أيضاً من مجلس الحرب، واتهم نتنياهو بعدم اتخاذ قرارات جادة لتحقيق أهداف الحرب التي فقد فيها نجله “غال” في كانون أول الماضي.
وقد تبعهما في الاستقالة قائد فرقة غزة الجنرال آفي روزنفيلد نتيجة الفشل في ٧ تشرين أول، حيث نجحت المقاومة في مهاجمة ١١ قاعدة عسكرية و٢٢ مستوطنة، وأسر عشرات الجنود والمستوطنين.
انسحاب العسكريين من مجلس الحرب وحكومة الطوارئ يعني بقاء ممثلي الأحزاب المتشددة وشخصيات مدنية، لا يثق بها الجيش ولا الرأي العام خلال الحرب، وهو ما يعني مزيداً من الضغط على نتنياهو للتقدم نحو الأمام ..
- إما صفقة تبادل ووقف إطلاق النار.
- أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وكلاهما خيار مرٌّ لليمين الذي يخشى فقدانه الأغلبية، وخروجه من السلطة، مما يعني أنه سيُصبح تحت المساءلة عما حدث في ٧ تشرين أول وما تلاه، وقد يكون قادته عُرضة لمحاكم محلية ودولية، مع نهاية وخيمة لعدد منهم، في مقدمتهم نتنياهو، الذي يكافح في الأمتار الأخيرة عن مستقبله السياسي.
وتجاوبا مع هذه الاستقالات ، أعلن وزير الحرب “الإسرائيلي” السابق موشيه يعلون ،النزول إلى الشوارع لإجراء انتخابات بأسرع وقت ممكن من أجل إنقاذ البلاد من الدمار*
فيما أكد آيزنكوت في رسالة استقالته لنتنياهو:
“مجلس الوزراء الذي ترأسه لم يتخذ قرارات حاسمة مطلوبة لتحقيق أهداف الحرب “.
كما أعلن الوزير هيلي تروبر في حكومة الكيان” من حزب غانتس- المناعة لإسرائيل”، استقالته بشكل نهائي من حكومة نتنياهو.
والنتيجة التي يمكن استخلاصها من طوفان الاستقالات، الذي لن يعرف مداه، أنه لا يمكن لجيش يتصارع قادته أن ينتصر .. بل عليه أن ينتظر هزيمة نوعية وهذا مؤشر سترسم الأيام القادمة بداية التغيير.
وإذا ما علمنا أن الكيان الصهيوني لم يعد ملبيا لحاجة الغرب في أن يكون رأس حربة للمشروع الغربي، فإننا أمام حقبة سياسية جديدة في المنطقة،ستشهد ليس سقوط الكيان فحسب ، بل كل داعميه، وهو ما ستدلل عليه الأيام القادمة ، من نشوء أحلاف سياسية مختلفة. فضائح الأحلاف المنصرمة. تذكرنا بقول الشاعر:
إذا متّ ظمآن فلا نزل القطر
فلنراقب نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، وقرارات مجلس الأمن الدولي ، التي ستكون بإجماع لافت لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
د .حسين موسى
كاتب وصحفي فلسطيني