الكاتب: د. حسين موسى
رفض المقاومون في الضفة الغربية، عرضاً قدّمه لهم رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى بتفريغهم في الاجهزة الامنية الفلسطينية، والحصول على راتب شهري مقابل تسليم المقاومين أسلحتهم، وإنهاء المقاومة في مدن الضفة الغربية.
ويبقى السؤال:
على ماذا تراهن بعد هذه السلطة؟ إذا كانت مرفوضة صهيونياً وحتى شعبياً ؟
وقد امتزج هذا العرض، مع تهديد مبطّن من مصطفى بأن الاحتلال يهدد بشن حملة عسكرية، تماما كما حدث في مدن الضفة الغربية، نابلس وجنين وطولكرم ومخيماتها.
وهذه ليست المرة الاولى التي تحاول فيها السلطة الفلسطينية إنهاء حالة المقاومة في مدن الضفة الغربية، وان ازدادت وتيرة ذلك بعد طوفان الأقصى.
وترافق الأمر مع حملات اعتقالات وملاحقة، تقوم بها الاجهزة الأمنية الفلسطينية، ضد المقاومين المطاردين والناشطين، وصلت حتى إطلاق النار المباشر عليهم او على المركبات الخاصة بهم.
وهناك شواهد كثيرة على ذلك، مثل استمرار اعتقال مصطفى عين او قادة عرين الاسود في نابلس، للسنة الثانية على التوالي، ومراد ملابشة ومحمد براهمة من كتيبة جبع في سرايا القدس منذ عام.
ولم تكن الحملة ظاهرة معزولة، عن الخطاب السياسي الذي تطلقه السلطة في مواجهة المقاومة، انطلاقا من تصريحات رئيسها، وصولاً الى كل الأبواق التي تطالعنا بين الحين والاخر بهجوم على المقاومة وتحميلها مسؤولية ما يجري في غزة، مقدمة التبرير للعدو لارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
والجديد في هذا السياق، البيان الرئاسي الذي حمّل المقاومة، المسؤولية عن المجزرة المروعة في مخيمات النازحين في مواصي خان يونس، وهو أمر لا يخدم الوحدة الميدانية، ولا صمود الشعب الفلسطيني فضلاً عن أنه يوفر الذريعة للعدو الصهيوني لارتكاب المزيد من المجازر، مستعينا بما ورد في بيان الرئاسة من اتهام المقاومة وتحميلها المسؤولية عن المجزرة.
واللافت في هذا البيان الذي نقلته وكالة( وفا) الفلسطينية، جاء في وقت تتكثف فيه الجهود لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، وهو تجاهل في التوقيت والبنية لمحصلة الحوار الوطني الفلسطيني في العاصمة الروسية في آذار ،2024 ومخرجات حوار بكين في نيسان 2024 ،وهو محاولة مكشوفة لنسف الدعوة الصينية لحوار وطني فلسطيني شامل ترعاه بكين ،والذي شكل أساسا للتقدم على طريق استعادة الوحدة الداخلية والشروع في انهاء الانقسام.
وعلى العكس فقط تمرّست هذه السلطة على شيطنة المقاومة الفلسطينية، في الوقت الذي يفترض فيه أن تقدم كل أشكال الإسناد لدعم صمود الشعب الفلسطيني.
ولمزيد من الارتباط الوثيق في المشروع الصهيوني وامتهان دور الأداة، فقد عملت هذه السلطة على تعطيل القيادة الوطنية الموحدة، في الضفة الغربية، التي يجب أن تتصدى لمشاريع الضم المتسارع والحسم الصهيوني، وحتى تقليل ولاية السلطة وتجريدها من صلاحياتها لصالح الإدارة المدنية، التي بات المستوطنون هم من يدير شؤونها، وفق قرار الحكومة الصهيونية، بإسناد أمر الشؤون المدنية لوزير المالية سموترتش، الذي سارع بالإعلان عن فك ارتباط حكومته بكافة الاتفاقيات مع السلطة، وحجز كافة أموال الضرائب وتجميد تسليمها إلى هذه السلطة.
ولا يخفي الكيان الصهيوني إعلانه، أن لا دور السلطة الفلسطينية، في أي مستقبل للوضع الفلسطيني، وبات هذا الاعلان شرطا اساسيا في اي جهود للتوصل إلى موضوع اليوم التالي.
اذ اعلن العدو أنه يسير باتجاه طرف ثالث فلسطيني لادارة اليوم التالي مدنيا.
ويبقى السؤال:
على ماذا تراهن بعد هذه السلطة؟ إذا كانت مرفوضة صهيونياً وحتى شعبياً ؟
ربما الاجابة المنطقية تقول ان مبرر وجود السلطة ينحصر فقط في تأمين مصالح رجالاتها المنتفعين من الحالة الصهيونية ولو كان الثمن التآمر على الشعب الفلسطيني، وما دامت فاقدة الولاء له وهي التي اغتصبت السلطة رغم خسارتها في الانتخابات التشريعية التي كانت تأكيد خيار الشعب الفلسطيني على نهج المقاومة.
د. حسين موسى
كاتب وصحفي فلسطيني