تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » احتمالان لا ثالث لهما

احتمالان لا ثالث لهما

الكاتب: ناصر قنديل

تسير المنطقة بسرعة نحو تصعيد ليست قوى المقاومة هي الطرف الرئيسي فيه، رغم ضراوة المعارك التي تخوضها المقاومة في غزة، وحجم التضحيات التي يتحملها الشعب فيها، من جهة خطاب إسرائيليّ عن “إسرائيل” الكبرى جاءت الغارات الإسرائيلية على قطر لاستهداف الوفد الفلسطيني المفاوض لتقول إن لا خطوط حمراء، ولا حدود، ولا قواعد سيادية، ولا القواعد الأميركية، ولا خط الاعتدال، تشكل حصانة كافية لتجنّب الاستهداف الإسرائيلي لدول المنطقة الصديقة لأميركا، وبالتالي فكل سردية سابقة تقول إن لا مشكلة لهذه الدول مع “إسرائيل” وإن مشكلة “إسرائيل” محصورة بقوى المقاومة تسقط سقوطاً مدوياً، مع ثبات حقيقة أن إضعاف قوى المقاومة بمساعدة أو غضّ نظر الدول العربية الصديقة لواشنطن مهد الطريق لتمكين “إسرائيل” من استهداف هذه الدول. وهكذا استفاقت المنطقة فجأة أمام مشهد تقف فيه “إسرائيل” وجهاً لوجه مع دول الاعتدال العربي، من قطر إلى مصر إلى الأردن وصولاً إلى الإمارات والسعودية، و”إسرائيل” لا تستخدم القفازات بل تقول بصراحة إنها ماضية في ما تفعل.

من جهة موازية تتابع “إسرائيل” في سورية خطة التوغل والتغوّل والتوحش، وتقول بوضوح إن لا سقف لطلباتها، وإنها بعد رسم خط أحمر حول أي نقاش حول مستقبل الجولان المحتل، فرضت خطها الأحمر حول محافظات الجنوب السوري كمنطقة أمنية، وإنّها تتوسّع نحو فرض قواعد أمنية حول دمشق وصولاً إلى حمص، وتقول لتركيا والحكم السوري الجديد إن عضوية تركيا لحلف الناتو ليست حصانة، وإن احتماء الحكم السوري الجديد بتركيا ليس حصانة، وإن على الجميع اتخاذ قرار من اثنين، الرضوخ أو المواجهة، وهكذا تستفيق المنطقة مرة أخرى على مشهد غير مألوف لم يستعدّ له أحد، حكم عربي ناشئ على أنقاض نظام كان يؤيّد المقاومة، والحكم الجديد يمدّ يد التعاون مع “إسرائيل”، ومن خلفه دول إقليمية كبرى صديقة لواشنطن، و”إسرائيل” تشترط الخضوع التام، ولا تقبل التسويات، ولا تسمح ببناء دولة، لا من حيث التماسك الداخلي أو من حيث امتلاك أسباب القوة، والتصعيد يبقى سيد الموقف.

الأمر أولاً وأخيراً يتوقف على ما سيجري في غزة، فإن أرادت واشنطن تفادي هذا التصعيد وتفادي إحراج التعامل مع معادلة معقدة للجمع بين تمسكها بحلفائها الرئيسيين في المنطقة ومواصلة دعمها اللامحدود لـ”إسرائيل”، فإن عليها المسارعة لفرض حل يوقف الحرب في غزة، وهذا الحل الذي يضمن لـ”إسرائيل” أنها خارج التهديد بطوفان أقصى جديد، لا يحقق لها نزع سلاح المقاومة ولا تهجير السكان. وهذا يعني وقف مسار التصعيد في المنطقة، لأن وقف الحرب في غزة سوف يريح “إسرائيل” من صواريخ اليمن وطائراته المسيّرة، وسوف يفرض تبلور مسعى لتسوية في سورية وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وخلق مناخات تفاوضية مع إيران برزت مؤشراتها في اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية برعاية مصرية، لكن هذا كله يعني تحجيم التطلعات الإسرائيلية بالحصول على الأمن في حدود فلسطين التاريخيّة، والتخلي عن طموحات إمبراطورية لم تعُد خافية عن خطاب بنيامين نتنياهو.

الاحتمال الثاني أن تفشل أميركا في ضبط “إسرائيل” تحت هذا السقف، لأنها لا تقدر أو لأنها لا تريد، وهذا يعني رغم كل الضعف العربي والإسلامي، أن الأمور ذاهبة إلى تصعيد يذهب إليه عرب الاعتدال وتركيا رغماً عنهم، والأكيد أن الحلف العربيّ الإسلاميّ سوف يجد في سورية قاعدة التعبير عن هذا الموقف، وسوف يدفع بالموقف السوريّ نحو رفع سقفه في التعامل مع التهديدات والاعتداءات والأطماع الإسرائيلية، وعندما تتحوّل سورية الى ساحة مواجهة، سوف يجد الاعتدال العربي وتركيا أنه بحاجة للتعاون والتنسيق مع العراق ومن خلفه إيران وتعزيز صمود غزة ولبنان كخطوط دفاع متقدّمة عن الوضع العربي والإسلامي، في حروب استنزاف طويلة، تفرض فتح الجبهات على بعضها وتوفير خطوط الإمداد بينها، وهذا يعني تغييراً جذرياً سوف تعبّر عنه إضافة للحكم الجديد في سورية، معادلات الحكم في لبنان والسلطة الفلسطينية، في مواقفها من المقاومة.

في حال ذهبت الأمور نحو الخيار الأول سوف يكون لبنان على موعد مع التزام إسرائيلي بوقف إطلاق النار، ليس لأن الحكومة أقرّت ورقة برّاك بل لأن الحكومة أعادت ربط مصير البحث بسلاح المقاومة بالتزام “إسرائيل” بموجباتها بعكس ما قالت ورقة برّاك، التي أسقطها ثبات المقاومة وتمسكها بسلاحها، ويكون الالتزام الإسرائيلي ثمرة سلاح المقاومة بصورة غير مباشرة، أما إن ذهبت الأمور نحو الخيار الثاني فإن المقاومة سوف تكون على موعد مع تغيير معادلات مواقف الحكم والحكومة بتأثير مناخ عربي جديد، والمقاومة سوف تكون على موعد لتحسين العلاقات مع سورية الجديدة وما يتصل بخطوط الإمداد عبر سورية. وهذا يعني اقتراب لحظة داخلية وإقليمية مناسبة لقيام المقاومة بما يلزم لردع الاعتداءات وتحرير الأرض عبر إعلان سقوط اتفاق وقف إطلاق النار والانتقال إلى جنوب الليطاني مجدداً.


الآراء الواردة في المقال لا تعبر الا عن رأي كاتبها


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي

من النظام الداخلي لحركتنا فتح

القواعد والأسس التنظيمية

مقدمة هيكل البناء الثوري

أخي يا رفيق النضال
إن هذه الحركة وهذا العمل لأمانة وطنية ومسؤولية تاريخية.. فلتحمل الأمانة الغالية.. ولتقدر المسؤولية الخطيرة.. ولتهيئ كل من حولك ولتلهب روح العمل الثوري المنظم في كل نفس عربية مخلصة لفلسطين مؤمنة بتحريرها. ولنروض جميعا نفوسنا على الصبر ومواجهة الشدائد واحتمال المكاره والبذل.. والتضحية.. والفداء.. بالروح والدم.. والدم.. والجهد.. والوقت وهذه كلها من أسلحة الثوار.

لذلك.. لا تقف يا أخي!!
وفي هدوء العاملين.. وصمت المخلصين وفي عزم الثوار.. وتصميم المؤمنين.. وصبر المكافحين.. انطلق سريعا لأن شعبنا بحاجة لكل لحظة من الزمن بعد أن امتدت مأساتنا هذه السنين الطوال. ولتعلم أن عدونا قوي.. والمعركة ضارية ليست قصيرة.. وأن العزم.. والصبر والسرية والكتمان والالتزام بأهداف الثورة ومبادئها يحفظ خطوتنا من الزلل والتعثر ويقصر الطريق إلى النصر.. فإلى الأمام .. إلى الثورة.. وعاشت فلسطين حرة عربية “فتح”

اقرأ المزيد