قالت مؤسسات الأسرى، إنّ سلطات الاحتلال الصهيوني تواصل اعتقال (49) امرأة فلسطينية، بينهنّ طفلتان وأسيرة من غزة، يواجهن جرائم منظّمة وممنهجة داخل سجون الاحتلال ومراكز التحقيق.
وأوضحت المؤسسات في بيان لها: أنّ وتيرة هذه الجرائم تصاعدت بصورة غير مسبوقة منذ اندلاع حرب الإبادة، التي شكّلت المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الشعب الفلسطيني، ولا تزال آثارها تترك بصمتها القاسية على واقع النساء الأسيرات.
وأضافت أنّ المرحلة التي أعقبت حرب الإبادة فرضت تحوّلات جذرية على ظروف اعتقال الأسيرات، ورافقتها سلسلة من الجرائم التي ترتكبها منظومة القمع الصهيونية، من أبرزها: التعذيب، والتجويع، والإهمال الطبي المتعمّد، والاعتداءات الجنسية – وأهمها التفتيش العاري، والتحرش الذي وثّقت المؤسسة وقوعه في عدد من الحالات على يد السجّانات – إلى جانب الإرهاب النفسي، كالتهديد بالاغتصاب، وعمليات القمع الممنهجة، والاقتحامات المتكررة التي تتخللها اعتداءات بالضرب والإذلال، وإجبار الأسيرات على الركوع وهنّ مقيّدات، مع توجيه شتائم حاطة بالكرامة الإنسانية. وتشمل هذه الانتهاكات كذلك أساليب التعذيب النفسي الممارسة منذ اللحظات الأولى للاعتقال، وفقًا لإفادات الأسيرات.
ويشكل ما يجري بحق النساء الفلسطينيات يشكّل أحد أوجه حرب الإبادة المتواصلة. فمنذ بدء حرب الابادة وحتى اليوم، وثّقت المؤسسات الحقوقية أكثر من 595 حالة اعتقال في صفوف النساء في الضفة الغربية بما فيها القدس، وفي الأراضي المحتلة عام 1948، في حين لا تتوفر إحصاءات دقيقة لعدد النساء اللواتي جرى اعتقالهن من غزة، باستثناء من تأكد احتجازهن في سجن “الدامون” ويقدَّر عددهن بالعشرات.
ويبلغ عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال حتى إعداد هذا التقرير (49) أسيرة، من بينهن الأسيرة تسنيم الهمص من غزة، وطفلتان هما سالي صدقة وهناء حماد، إضافة إلى (12) أسيرة معتقلة إداريًا، من بينهن الطفلة هناء حماد. وأعلى عدد للأسيرات من محافظة الخليل ويبلغ عددهن (14)، ومن بين الأسيرات 6 أسيرات سبق أن اعتُقلن سابقًا، ومن ضمن الأسيرات أسيرة تعاني من مرض السرطان وهي الأسيرة فداء عساف، ويُشار إلى أنّ أقدم الأسيرات هما شاتيلا أبو عيادة وآية الخطيب، المعتقلتان قبل حرب الإبادة، وهما من الأراضي المحتلة عام 1948.
وتصاعدت سياسة اعتقال النساء كرهائن خلال الحرب، إذ استخدم الاحتلال هذا الأسلوب للضغط على أفراد من عائلات الأسيرات لتسليم أنفسهم. وشملت هذه السياسة زوجات أسرى وشهداء وأمهات مسنّات تجاوزن السبعين عامًا، وترافقت مع عمليات تنكيل وتخريب للمنازل، ومصادرة للممتلكات، وترويع للأطفال، إلى جانب تهديد الأسيرات بقتل أزواجهن أو أبنائهن المحتجزين.
وشكل سجن “هشارون محطة بارزة في مسار التعذيب وسوء المعاملة؛ فبحسب شهادات الأسيرات، جرى احتجازهن في زنازين قذرة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، وتعرضن للتفتيش العاري والضرب عند رفضه، وتقديم طعام فاسد، وفرشات بالية لا تصلح للاستخدام. أما في سجن “الدامون”، فقد حوّلت إدارة السجون أبسط احتياجات الأسيرات إلى أداة للعقاب الجماعي، بما في ذلك الفوط الصحية والملابس، كما يُحرمين من أدوات التهوية في الصيف ومن وسائل التدفئة في الشتاء، إلى جانب منع الزيارات العائلية والمحامين، والعزل الجماعي المتواصل.
وتتعرض الأسيرات كذلك لقمع واقتحامات متكررة، تصاعدت بشكل واضح منذ أيلول/ سبتمبر 2024، تشمل التفتيش العاري والتقييد والاعتداء بالضرب، والإخراج المهين إلى ساحات السجن، والإجبار على وضعيات إذلالية. وتُعدّ الاعتداءات الجنسية من أخطر الجرائم التي وثّقت بحق الأسيرات، وتشمل التحرش، والتفتيش العاري، والتهديد بالاغتصاب، كما روت أسيرات محررات وأخريات داخل السجون في شهادات موثقة.
أما من حيث خلفيات الاعتقال، فأغلبها تتم على خلفية حرية الرأي والتعبير أو ما يدّعيه الاحتلال “تحريضًا” على وسائل التواصل الاجتماعي، فيما تُعتقل أخريات إداريًا بذريعة “الملف السري”، حيث تُحتجز اليوم غالبية الأسيرات على خلفية “التحريض”، و(12) منهن رهن الاعتقال الإداري.
وأكّدت مؤسسات الأسرى أنّ الانتهاكات التي تتعرض لها الأسيرات بعد حرب الإبادة غير مسبوقة من حيث القسوة والمستوى، إذ يخضعن لبنية قمعية متوحشة قائمة على التعذيب والتنكيل الممنهج.
