تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الحدود الآمنة والمفيدة بدل الحدود الدولية

الحدود الآمنة والمفيدة بدل الحدود الدولية

الكاتب: ناصر قنديل

تشبه كلمات القيادات اللبنانية الموهومة باستعداد أميركا للضغط على “إسرائيل” لوقف اعتداءاتها وإنهاء احتلالها، تلبية لطلبات عربية وأوروبية، كلمات سورية لم تفلح بتحقيق التراجع الأميركي عن تأييد ضم الجولان إلى كيان الاحتلال، كترجمة لدور الوسيط المفترض أن لا يبارك أي إجراءات أحادية على أراضٍ متنازع عليها رغم أن الجولان بنظر كل العالم أرض سورية محتلة وفي القانون الدولي ووفق الأمم المتحدة هو كذلك، كما تشبه هذه الكلمات كلمات فلسطينية وعربية لم تفلح رغم المال العربي الذي أغدق على الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالحصول على تراجع أميركي عن تغطية ضمّ القدس إلى كيان الاحتلال على قاعدة أن مصير القدس يفترض أن يبقى ملفاً تفاوضياً حول شروط الحل النهائيّ بين العرب و”إسرائيل”، وبين السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”، لكن اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين لا يريدون أن يصدقوا أن هذه أدلة كافية على عقم الرهان، وراحوا يُعزّون أنفسهم بالتزام أميركي بالضغط للانسحاب بما بعد الجولان والقدس.

مشكلة كل هؤلاء أنهم لا يريدون الاعتراف بأن أميركا ترامب لا تؤمن بشيء اسمه الحدود الدولية المعترف بها للدول، ولذلك فإن ترامب لم يمتنع عن التصريح علناً برغبته بضمّ كندا وبنما وغرينلاند، وهو يؤمن بمصطلح بديل اسمه الحدود المفيدة والآمنة، والمقصود في الجوار الأميركي الحدود المفيدة لأميركا والحدود الآمنة لأميركا، وهي الحدود التي تضمن انتعاش الاقتصاد الأميركي وامتلاكه المزيد من الثروات والموارد، والحدود التي تحقق الشعور بالأمن لأميركا. وفي منطقتنا الحدود المفيدة والآمنة هي الحدود التي تضمن لـ”إسرائيل” السيطرة على الموارد النفطية والغاز والمياه من جهة، بينما الحدود الآمنة هي الحدود التي تضمن لـ”إسرائيل” الشعور بالأمن والإطمئنان للقدرة على منع أي تهديد محتمل قادم ولو بعد سنوات.

وفق مفهوم الحدود المفيدة والآمنة، تعتبر واشنطن أن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين لبنان و”إسرائيل”، غير صالح حتى وفق التفسير الذي نتج عن التلاعب الإسرائيلي بالتنفيذ، فهذا التلاعب يسمح بمواصلة الضربات العسكرية حتى يرضخ لبنان للتفاوض طلباً لحل دائم، لن تقبل “إسرائيل” ولا أميركا بأن يتم على أساس الانسحاب إلى حدود لبنان الدولية، بل إلى حدود مفيدة تضمن المياه والغاز لـ”إسرائيل” والسيطرة الأمنية على مساحة كافية تمنع سهولة التقدم نحو الحدود السابقة، ومساحة أخرى تضمن سهولة التحرّك فيها، وتسليم بحرية الحركة الجوية أمامها، وهذا هو الأمر في سورية ومثله في غزة، ودائماً بمباركة أميركية، وعلى من يبحث عن حل تفاوضي برعاية أميركية أن يستعدّ للقبول بهذه الرؤية حيث لا مكان لأوهام الحديث السيادي لدولة ولا حديث الحدود الدولية المعترف بها.

التفسير اللبناني الساذج أو المتآمر للتصعيد الإسرائيلي كضغط لنزع سلاح المقاومة وأخذ لبنان إلى التفاوض المباشر، تكذبه التجربة السورية حيث تجريد سورية من السلاح وجلبها إلى التفاوض مجرد خطوات على الطريق الصعب، للقبول بمفهوم الحدود المفيدة والآمنة، حيث منابع المياه لـ”إسرائيل” والأجواء مفتوحة أمامها، وجبل الشيخ وما حوله منطقة عازلة تحت سيطرة الاحتلال وجنوب سورية منطقة عمليات مفترضة وفق تقدير الإسرائيلي، وعندما يقبل لبنان فرضية أن نزع السلاح والتفاوض يفتحان الطريق للحلّ فيجب الإقرار سلفاً أن الإصرار على عدم التعهد الإسرائيلي بالانسحاب ليس عبثاً بل انسجام مع المفهوم الجديد للحدود، المفيدة والآمنة لا الحدود الدولية، ويبقى السلاح والتفاوض هدفين إسرائيليين بمقدار ما يمثل كل منهما مساهمة في تذليل عقبات أمام المفهوم الإسرائيلي للحدود.

مَن يريد الجلوس مع الرئيس الأميركي بوهم الحصول على موقف مساند لمفهوم الحدود الدولية، عليه أن يتذكر أن ترامب باع حليفه زيلينسكي الذي بقي يموّله ويسلّحه، وقدّم له معادلة وحيدة لضمان وقف الحرب الروسية جوهرها تنازل عن الأرض لشراء الأمن، ولن يقول للبناني والسوري والفلسطيني والعربي إلا ما قاله لزيلينسكي، الذي طلب منه التخلّي عن أرضه وهو صديق ولحساب عدو هو روسيا، فكيف لا يقول ذلك ويطلب التنازل عن أرض ليست عائدة لحليف وصديق مثل أوكرانيا والتنازل لحساب حليف وصديق مثل “إسرائيل” وليس التنازل لعدو مثل روسيا؟


إن الآراء المذكورة في هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها حصراً


 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: المحتوى محمي

من النظام الداخلي لحركتنا فتح

القواعد والأسس التنظيمية

مقدمة هيكل البناء الثوري

أخي يا رفيق النضال
إن هذه الحركة وهذا العمل لأمانة وطنية ومسؤولية تاريخية.. فلتحمل الأمانة الغالية.. ولتقدر المسؤولية الخطيرة.. ولتهيئ كل من حولك ولتلهب روح العمل الثوري المنظم في كل نفس عربية مخلصة لفلسطين مؤمنة بتحريرها. ولنروض جميعا نفوسنا على الصبر ومواجهة الشدائد واحتمال المكاره والبذل.. والتضحية.. والفداء.. بالروح والدم.. والدم.. والجهد.. والوقت وهذه كلها من أسلحة الثوار.

لذلك.. لا تقف يا أخي!!
وفي هدوء العاملين.. وصمت المخلصين وفي عزم الثوار.. وتصميم المؤمنين.. وصبر المكافحين.. انطلق سريعا لأن شعبنا بحاجة لكل لحظة من الزمن بعد أن امتدت مأساتنا هذه السنين الطوال. ولتعلم أن عدونا قوي.. والمعركة ضارية ليست قصيرة.. وأن العزم.. والصبر والسرية والكتمان والالتزام بأهداف الثورة ومبادئها يحفظ خطوتنا من الزلل والتعثر ويقصر الطريق إلى النصر.. فإلى الأمام .. إلى الثورة.. وعاشت فلسطين حرة عربية “فتح”

اقرأ المزيد