آن لنا أن نقف لنميز بقوة بين الصراع التنظيمي الهادف الى إعادة صياغة وخلق وحدة التنظيم ، وبين الثرثرة ، التي يتغطى خلفها من ينتزعون الوقت ، من رصيد الوقت الذي يجب ان يكرس لأداء المهمات ، أو من يمارسون البطالة ، أو أولئك الذين يريدون تغطية العجز ، وتبرير ما اقترفوه في الماضي من أخطاء ، أو أولئك الذين يجاهرون بعدم إنتمائهم لخط التنظيم ومنهجه ويتبرؤون منه ، نعم آن لنا أن نقف جميعا في وجه هذا النمط من الثرثرة ، التي لا تخفي سوى العجز أو البطالة او التبرؤ من النضال ، ولنوجه الدعوة الى كل من ينزلق في هذا الشكل من السلوك الخاطيء ، بضرورة التنبه وضرورة الإلتزام بشروط خوض الصراع التنظيمي.
ونحن في الوقت الذي نحارب فيه الثرثرة ، نناضل لكي نعزز عملية الصراع التنظيمي ، من أجل التوحد ، وعلى أرضية بناء التنظيم، فكيف نميز بين الثرثرة كسلوك خاطيء ومدان ومحرم ، وبين ممارسة الحق التنظيمي في نقد الأخطاء ومحاكمتها .
إن الصراع التنظيمي ، كأساس للبناء والتوحد يقوم على اسس واضحة / اهمها :
اولا .. أن ينطلق من أرضية الإلتزام العالي بأداء المهمات النضالية ، التي تؤدي الى تعزيز مكانة التنظيم ، وتطور خطواته في كل الإتجاهات ، وتدفعه نحو الامام . إن الحق التنظيمي في النقد والمحاكمة وخوض الصراع ، يجب ان يقترن بالالتزام ، وكلما تعزز الالتزام كلما قوى الحق التنظيمي في خوض الصراع ، وبالوسائل التي يقرها خط ومنهج ومناقبية التنظيم ، لكن في حال رفض أداء المهات أو التقاعس عن أدائها ، أو ضعف التفاعل معها ، دونما مبررات تنظيمية ، فان ذلك يضعف ممارسة هذا الحق ، إذ أن منهج البناء التنظيمي ينضبط تلقائيا لقانون التوازن بين الحقوق والواجبات ، بين الجهد العضلي وبين الجهد الذهني ، بين صلاحية التنفيذ وصلاحية المشاركة في النقد والمحاكمة والتشريع .
ثانيا .. إن الصراع التنظيمي ، ليس صراعا من أجل الصراع ، أو نقدا من أجل النقد ، بل صراع يهدف الى التوحد ، ومحاربة الخلل وتصحيح المسار في كل خطوة ولحظة ، وتطوير صيغ واساليب العمل وبلورة أنجع الوسائل للارتقاء بواقع التنظيم .
ثالثا .. إن عملية خوض الصراع التنظيمي ليست تردادا سطحيا للاخطاء او الثغرات، وإن كان يتناولها ، بل انه ينطوي على عملية إبداع وإبتكار ، تحاول ان تطرح الحلول او تطور الحلول المطروحة ، إنه أحد تعبيرات المنطق الجدلي في الحياة ، منطق توليد الحياة وإدامتها والارتقاء بها .
رابعا .. وعملية خوض الصراع التنظيمي تقوم على أرضية الاحساس العالي بتحمل المسؤولية والانطلاق من مواقف ومواقع تحمل المسؤولية ، لأنه لا قيمة في النضال للمواقف او القضايا المجردة ، بل للمواقف والقضايا النابعة من تحمل المسؤولية .
خامسا : إن إختيار خوض الصراع التنظيمي بقوة ، هو إختيار للمشاركة القوية الفاعلة في تحمل هموم التنظيم ومعاناته ، سواء من الداخل، أو في الواقع الموضوعي .
وبالتالي فان كل ما يتناقض مع هذه الشروط ، يقع في باب الثرثرة التي تسيء الى التنظيم ، وتلحق أفدح الاضرار به ، وتجعل من يتجاوزون هذه الشروط يزودون القوى المعادية بسلاح تحارب به التنظيم وتستقوي عليه ، ولا يمكن أن يتعايش خط ومنهج التنظيم مع كل من يمارس هذا الخلل ، ولا مع اشكال ممارسة هذا الخلل، سواء بحسن نية أو بسوء نية ، ولا يمكن ان يتعايش التنظيم مع كل من يرفض أداء مهماته أو الالتزام بصيغ الحياة التنظيمية ،كما يرفض ان يوفر اي شكل من اشكال البطالة ، أو التهرب من تحمل المسؤولية النضالية وعلينا ان نتوحد جميعا من اجل إغناء عملية الصراع التنظيمي، انطلاقا من اسس المركزية الديمقراطية .
الرفيق م ع