يرصد الكيان الصهيوني باهتمام شديد تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على مدار الساعة، خاصة ان ثمة تأكيدات للكثير من الخبراء العسكريين ومنهم خبراء صهاينة بان العملية الروسية ستمضي حتى النهاية الى ان تحقق أهدافها سواء تم ذلك بالسياسة او بالقوة. في هذا الصدد يقول معلق الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف” ألون بن دافيد: إن اللعبة انتهت في أوكرانيا، ومع كل التعاطف فإن مصيرها قد حُسم، مضيفاً دبلوماسية غير مدعومة بقوة عسكرية هي عديمة الفعالية، وأضاف أن المصالح الأمنية مع الروس، مهما كانت مهمة، ليست مركز الثقل الاستراتيجي لإسرائيل، وإن الحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة أهم بكثير، أيضاً بأثمانٍ مؤلمة”.
ان نجاح العملية الروسية في أوكرانيا، سيكون لها تداعيات خطيرة جدا على الكيان الصهيوني، بعد ان تركت أوكرانيا تواجه الجيش الروسي لوحدها، رغم النداءات المتكررة التي يطلقها الرئيس الاوكراني زيليسنكي مطالبا بالدعم العسكري، وفرض حظر جوي فوق أوكرانيا، لكن الأطلسي لم يستجب له خشية اندلاع مواجهة روسية اطلسية تقود الى حرب عالمية ثالثة، وهذا ما أفصح عنه عددا من قادة الأطلسي. ان تخلي الاطلسي عن أوكرانيا وتركها تواجه مصيرها لوحدها في مواجهة روسيا، ثم تخليه عن أفغانستان قبل شهور وتسليمها لحركة طالبان، دق ناقوس الخطر لدى قادة الكيان الصهيوني، واثار لديهم الكثير من القلق والمخاوف من تخلي الامريكان والاطلسي عنهم عند الاختبار. وفي هذا السياق يقول الخبير الفلسطيني عدنان أبو عامر: أشعلت الحرب الروسية الأوكرانية الأضواء الحمراء في دوائر صنع القرار “الإسرائيلي” بسبب ما اعتبروه تراجع الثقة “الإسرائيلية” في الولايات المتحدة كحليف يمكن الاعتماد عليه، بعد أن تُركت أوكرانيا وحيدة مع بوتين، وإيران تفعل ما يحلو لها، والمشاهد المهينة من انسحاب أفغانستان، مما يطرح السؤال “الإسرائيلي”: “هل لا تزال الولايات المتحدة حليفًا يمكن ل “إسرائيل” أن تثق به، وإلى أي مدى، وهل اتفاق الدفاع معها لا يزال ذا صلة؟
من جانبه الجنرال احتياط إسحاق بريك المعروف بانتقاداته الحادة لقادة المؤسستين السياسية والعسكرية لدى العدو، يقول: “أنا قلق جداً، فعند ساعة الاختبار سنقف وحدنا، وقال “إسرائيل” مهددة اليوم بتهديد وجودي حقيقي، والدليل القاطع – على أنه لا يمكن توقع الحصول على مساعدة خارجية في يوم الحساب – هو الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث يقف الغرب متفرجاً ولا يقدم المساعدة ضد الاحتلال الروسي. وأضاف خلال الاختبار سنقف وحدنا أيضاً من أجل مصيرنا، ولسنا مستعدين لذلك”. وهذا الصحفي الصهيوني أمنون لورد ينتقد سياسة الولايات المتحدة ويصفها بانها مثيرة للشفقة امام روسيا ويقول: أن سياسة الغرب بقيادة الولايات المتحدة في عهد أوباما وجو بايدن، يمكن أن تلخص على ان ضعفها مثير للشفقة أمام روسيا، ونزعة مصالحة تجاه إيران، وعداء تجاه إسرائيل، لهذا يجب ألا تلتصق إسرائيل بالسياسة الأمريكية الفاشلة”. وهذا الصحفي الصهيوني تسفي برئيل يقول: “إسرائيل” تلفّ حول عنقها حبلاً روسياً يهدد بخنقها، وقال بحذر مبالَغ فيه، تسير “إسرائيل” على خيط رفيع وحاد ومميت، يمتد بين “القدس” وموسكو، ويهدد بخنقها، وهي لفّته بيديها حول عنقها عندما عقدت حلفاً عسكرياً مع روسيا”.
جاءت زيارة رئيس حكومة الكيان بينت الى موسكو أمس، من اجل تقديم نفسه كوسيط، او على الأقل ناقل رسائل “موثوق”، والتأكيد على ان كيانه يقف على “الحياد”، من اجل التخفيف من وقع التداعيات السياسية والأمنية على الكيان من جراء العملية الروسية في أوكرانيا، وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” ان جلّ ما تعمل عليه “إسرائيل” اليوم، هو تجنّب استفزاز الجانب الروسي، الذي يستطيع ابتزازها والضغط عليها من البوابة السورية. ولعلّ السيناريو الأبرز الذي تتخوّف منه تل أبيب، هو أن يؤدي تدحرج التطورات إلى دفع روسيا لتبنّي خيار تعزيز تحالفها مع أطراف محور المقاومة، ودعمه في سوريا والمنطقة، بهدف إنتاج معادلة جديدة من البوابة السورية والإقليمية مع المعسكر الغربي. وفيما يلي اهم ما ذكره الاعلام الفلسطيني والاعلام الصهيوني حول القلق والمخاوف الصهيونية من جراء العملية الروسية في أوكرانيا، وتداعياتها السياسية والأمنية على مستقبل الكيان:
فمن جانبها “شبكة الهدهد” ترجمت مقالا للجنرال احتياط إسحاق بريك في “هآرتس” (3/3/ 22) بعنوان” قائد في جيش العدو: أنا قلق جداً.. فعند ساعة الاختبار سنقف وحدنا” قال فيه: ان “إسرائيل” مهددة اليوم بتهديد وجودي حقيقي كما لم تكن منذ حرب 1948، والدليل القاطع – على أنه لا يمكن توقع الحصول على مساعدة خارجية في يوم الحساب – هو الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث يقف الغرب متفرجاً ولا يقدم المساعدة ضد الاحتلال الروسي. خلال الاختبار سنقف وحدنا أيضاً من أجل مصيرنا، ولسنا مستعدين لذلك، وعلى مدار سنوات عديدة، كان المستوى السياسي ينتهج سياسة النعامة ويهرب من الحقيقة (وهذا ينطبق على معظم الحكومات الإسرائيلية منذ سنوات عديدة). وأضاف كثيراً من كبار الضباط في الاحتياط والجيش النظامي يملؤون أفواههم بالماء يهربون من الحقيقة ويخافون من التفكير في الحالة الكئيبة لأمن “الوطن” و”المواطن” خشية تعرضهم للسوء أو توقف ترقيتهم فالمصلحة الشخصية للبعض تفوق المصلحة الوطنية. مواطنو “إسرائيل” راضون أيضاً ولا ينظرون إلى الأمام متراً واحداً، لأن الأوكرانيين كانوا متفائلين وراضين عن النفس حتى اللحظة التي ذهب فيها الروس إلى الحرب.
من جانبه كتب أحمد صقر في موقع “عربي21″(27 / 2/22) بعنوان: “كاتب إسرائيلي يهاجم أمريكا: سياستها فاشلة أدت للحرب الحالية” قال فيه: “هاجم كاتب “إسرائيلي” سياسة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية تجاه روسيا، داعيا “تل أبيب” إلى تفادي السير على خطى السياسة الأمريكية الفاشلة. وأوضح أمنون لورد في مقاله بصحيفة “إسرائيل اليوم”، أن “سياسة الغرب بقيادة الولايات المتحدة في عهد أوباما وبايدن، يمكن أن تلخص على أن ضعفها مثير للشفقة أمام روسيا، ونزعة مصالحة تجاه إيران، وعداء تجاه “إسرائيل”، لهذا يجب ألا تلتصق “إسرائيل” بالسياسة الأمريكية الفاشلة. وبين أن “الروس فهموا أن أمامهم زعيما أمريكيا غير كفؤ، وهذا ما أغراهم لهذا الهجوم، ولفت إلى أن الروس ردوا على إعلانات “إسرائيل” الرسمية ببيان، يفيد بأنهم لا يعترفون بسيادة “إسرائيل” في الجولان”.
وكالة خبر الفلسطينية نشرت مقالا للصحفي الصهيوني تسفي برئيل في صحيفة “هآرتس” (3/3/22) بعنوان” إسرائيل تلفّ حول عنقها حبلاً روسياً يهدد بخنقها” جاء فيه: “بحذر مبالَغ فيه، تسير “إسرائيل” على خيط رفيع وحاد ومميت، يمتد بين “القدس” وموسكو، ويهدد بخنقها. وهي لفّته بيديها حول عنقها عندما عقدت حلفاً عسكرياً مع روسيا، ومنذ ذلك الحين سمحت لها هذه الأخيرة بمهاجمة سورية كما لو كانت ملعباً خاصاً بها. في ضوء ذلك، وُضعت الفرضية القائلة إن العلاقات الجيدة مع روسيا هي شرط ضروري لتنفيذ هذا التكتيك الهجومي. هذه التبريرات ترسخت بصورة عميقة في الوعي “الإسرائيلي”، كما لو أن هذا الترتيب موجود دائماً، وسيظل موجوداً إلى ما لا نهاية، شرط أن تستمر “إسرائيل” في إرضاء روسيا. لقد اضطرت “إسرائيل” إلى التهرب من المجتمع الدولي، الذي يقاطع روسيا، ويفرض عليها عقوبات. الآن، ينظر هذا المجتمع إليها كبلد منافق لا يتجرأ في لحظة الحقيقة على إدانة الغزو الروسي بصورة صريحة.
من جانبه نقل موقع “الميادين نت”(4/3/22) تقريرا بعنوان” إعلام إسرائيلي: الحلف الاستراتيجي مع واشنطن مهمّ لكنّ أثمانه مؤلمة” قال فيه: قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية ألون بن دافيد، إن اللعبة انتهت في أوكرانيا، ومع كل التعاطف فإن مصيرها قد حُسم، مضيفاً: مع كل الاحترام للخطوات الاقتصادية للرئيس الأميركي، دبلوماسية غير مدعومة بقوة عسكرية هي عديمة الفعالية. وبحسب الصحيفة، أضاف المعلق “الإسرائيلي” أن المصالح الأمنية مع الروس، مهما كانت مهمة، ليست مركز الثقل الاستراتيجي لإسرائيل، وإن الحلف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة أهم بكثير، أيضاً بأثمانٍ مؤلمة. وقبل أيام، حضّ الرئيس الأوكراني زيلينسكي اليهود في كل أنحاء العالم على رفع الصوت، وقال زيلينسكي وهو يهودي الديانة: أنا أخاطب الآن جميع يهود العالم، ألا ترون ما يحدث؟ لهذا السبب من المهم جداً ألا يلتزم ملايين اليهود حول العالم الصمت الآن. وصرّح وزير خارجية الاحتلال “الإسرائيلي” يائير لابيد سابقاً أنّ “إسرائيل” ستتموضع إلى جانب حليفتها التقليدية الولايات المتحدة، لكنّه أشار إلى ضرورة صوغ الموقف الحذر تُجاه روسيا.
ومن جانبه الكاتب والباحث الفلسطيني وليد القططي/ كتب مقالا في موقع” الميادين نت” (3/3/22) بعنوان” الغرب بين أوكرانيا و”إسرائيل”.. القاعدة والاستثناء” قال فيه: استثناء “إسرائيل” من قاعدة تخلّي الغرب وأميركا عن حلفائهما سببه العلاقة المميّزة التي تربطهما بالكيان الصهيوني في بُعديها الديني والسياسي. انطلاقاً من القيمة الوظيفية للدولة اليهودية في قلب العالم العربي والإسلامي للغرب المستعمر، من الطبيعي أنْ يكون الدعم الغربي للكيان الصهيوني مميزاً عن أوكرانيا – رغم أهميتها – وكل دول العالم الأخرى، بسبب الخصوصيّة الدينيّة والوظيفيّة للكيان الصهيوني. هذه الخصوصيّة ستتأكل مع الزمن بزيادة العبء الذي يشكّله الكيان الصهيوني على الغرب أخلاقياً واقتصادياً وسياسياً، وهذا الدعم الغربي ليس مفتوحاً إلى ما لا نهاية، ونهايته محتومة بمنطق التاريخ ومعطيات الواقع واستشراف المستقبل، فعندما يُخرب اليهود “دولتهم” بأيديهم ويتفكّك المجتمع “الإسرائيلي” من الداخل بفعل تراكم التناقضات الداخلية، وفقدان الروح الصهيونية، وتزايد الهجرة المعاكسة. وعندما يُصيب الخراب “دولة” اليهود بأيدي المؤمنين المقاومين، تحقيقاً لوعد الآخرة، فإنَّ الدعم الغربي لن يجدي “إسرائيل” نفعاً، بعد أن تكون قد وصلت إلى قرب نهايتها المحتومة بالزوال.
من جانبه الباحث الفلسطيني عدنان أبو عامر كتب في موقع “عربي21″(4/3/22) مقالا بعنوان “خبراء “إسرائيليون” يشككون في الاعتماد على أمريكا وقت الحروب” قال فيه: أشعلت الحرب الروسية الأوكرانية الأضواء الحمراء في دوائر صنع القرار “الإسرائيلي” بسبب ما اعتبروه تراجع الثقة “الإسرائيلية” في الولايات المتحدة كحليف يمكن الاعتماد عليه، بعد أن تُركت أوكرانيا وحيدة مع بوتين، وإيران تفعل ما يحلو لها، والمشاهد المهينة من انسحاب أفغانستان، مما يطرح السؤال “الإسرائيلي”: “هل لا تزال الولايات المتحدة حليفًا يمكن ل “إسرائيل” أن تثق به، وإلى أي مدى، وهل اتفاق الدفاع معها لا يزال ذا صلة؟”. صحيفة “إسرائيل اليوم” طرحت هذه الأسئلة الحساسة على عدد من كبار الخبراء الأمنيين: البروفيسور إيتان غلبوع، الخبير المخضرم في شؤون الولايات المتحدة والعلاقات الدولية بجامعة بار إيلان، ذكر أن الولايات المتحدة تتغير، والجمهور الأمريكي بأكمله، بما فيه اليهود، أقل التزاما ب “إسرائيل”، حتى أن الإنجيليين ليسوا كما اعتادوا أن يكونوا، وبالتالي فإن سلوك الولايات المتحدة على مدى عقود بات يظهر تدريجيا نقاط ضعف كبيرة. اما الجنرال غرشون هاكوهين الباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن فقال: إن الولايات المتحدة اليوم هي جدار متأرجح، واليوم تركتنا الولايات المتحدة وحيدين تمامًا في الحملة ضد التواجد العسكري الإيراني في سوريا، لكن الاتجاه العام الذي تقرأه “إسرائيل” في الولايات المتحدة هو تراجع الرغبة باستخدام قوتها.
كتب سعيد بشارات في شبكة “الهدهد”(6/3/22) مقالا بعنوان” بينت دخل الوحل الأوكراني والكيان قد يغرق” قال فيه: كتب باراك رافيد محلل ومراسل موقع “والا” العبري كلامًا مهمًا حول زيارة بينت إلى موسكو التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ورسم رافيد صورة لبينت الذي يريد أن يجعل من نفسه زعيما أفهم من كل رؤساء دول العالم، وأثقل وزنًا من دافيد بن غوريون وليفي أشكول وشارون ونتنياهو، عبر تدخله في قضية أكبر من العالم كله، فلم يجرؤ زعيم دولة على التدخل بها حتى الآن، ولم يسبق لرئيس وزراء “إسرائيلي” سابق أن حشر نفسه في وحلها. حركة بينت السياسية تمثل شخصيته منذ دخوله السياسة، إنه مزيج من الجرأة والمبادرة والأصالة، ولكن أيضًا الكثير من المقامرة والتهور. وبحسب رافيد من ناحية أخرى هناك خطر كبير في هذه العملية، سواء بالنسبة له كسياسي ولكن أيضًا بالنسبة ل “إسرائيل” ومكانتها في العالم، وبذلك دخل رئيس الوزراء الطين الأوكراني دون أن يدري مدى عمقه، وهذه حالة كلاسيكية لـوسام الجدارة أو وسام الإخفاق الكبير.
وأخيرا كتب الصحفي علي حيدر في صحيفة الاخبار اللبنانية (7/3/ 22) بعنوان: “إسرائيل مصرّة على الوساطة: الحياد ملجأنا الوحيد” قال فيه: إن تل أبيب تُعدّ من أكثر الأطراف قلقاً من تداعيات الأزمة التي تواجهها أوروبا والعالم، والتي لخّصها بينيت نفسه قبل أيام بقوله إن النظام العالمي يمرّ بهزة هائلة، مشيراً بكلامه إلى المخاوف “الإسرائيلية” من اهتزاز المعادلة الدولية القائمة على هيمنة الولايات المتحدة، وتسارع تراجع الأحادية القطبية في اتجاه التعدّدية القطبية. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن ضباط في هيئة الأركان العامة للجيش “الإسرائيلي” وصفهم سياسة الحكومة بأنها متوازنة ومسؤولة وواقعية إزاء تحدّيات الجيش. فإن جلّ ما تعمل عليه تل أبيب، اليوم، هو تجنّب استفزاز الجانب الروسي، الذي يستطيع ابتزازها والضغط عليها من البوابة السورية. ولعلّ السيناريو الأبرز الذي تتخوّف منه تل أبيب، هو أن يؤدي تدحرج التطورات إلى دفع روسيا لتبنّي خيار تعزيز تحالفها مع أطراف محور المقاومة، ودعمه في سوريا والمنطقة، بهدف إنتاج معادلة جديدة من البوابة السورية والإقليمية مع المعسكر الغربي.